عاجل
السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
رذيلة الكبر.. ومهاويس "الفيس" 

رذيلة الكبر.. ومهاويس "الفيس" 

من الرذائل التي مُنى بها كثير من قيادات الجماعات الإسلامية وأفرادها ومن تبعهم رذيلة الكبر، فتجد فيهم الغلظة والاستعلاء والتكبر على خلق الله بما يتوهمون أنهم وحدهم على الحق المبين، ومن عداهم فى الضلال وإن كان من العلماء العاملين، وذلك لأنهم يعتمدون فى فهم نصوص الكتاب والسنة على أفهامهم والأخذ مباشرة من بطون الكتب دون الرجوع إلى عالم يوجههم ويعلمهم ويصوب أخطاءهم، واتخذوا من أنفسهم رؤوسًا جهالًا فضلوا وأضلوا، وحتى يزين الشيطان لهم سوء أعمالهم أغراهم بضئيل علمهم، وغرر بهم وجعلهم يتصورون أنهم فوق البشر.



 

هذه اللعنة أصابت بعض مهاويس الفيس بوك، الذين يهرفون بما لا يعرفون، ويتكلمون فى كل العلوم وكأنهم متخصصون، ويزعمون واسع اطلاعهم وامتلاكهم كل الحقائق فى شتى الموضوعات، ويلزمون أنفسهم بالنشر اليومى على صفحات ربما لا يمر عليها إلا بعض أصدقائهم الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين، وهؤلاء المهاويس غالبا يعانون من الفراغ أو البطالة، وهم لا يقيمون وزنًا لمن يخالفهم الرأى مهما كان قدره أو علمه أو سنه، ولا يحترمون أحدًا فى الرد على التعليقات المخالفة فيتطاولون، ويطفح الكبر والغرور على عباراتهم وألفاظهم، وهم فى واقع الأمر لا يقيمون العبارة ولا يحسنون الإملاء ولا يعرفون الفاعل من المفعول ولا المرفوع من المنصوب.

غاب عن هؤلاء وأولئك فضيلة التواضع التي أمرنا بها إسلامنا العظيم ونهانا فى الوقت نفسه عن رذيلة الكبر، يقول الله تعالى: "وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا"، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "... وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ"، ومدح الله تعالى عباده المتواضعين في قوله سبحانه: "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إلى أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ" وهذا ما كان عليه أهل العلم من الصحابة والتابعين، فها هو سيدنا أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - ، يقول: أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي ؟ وَأَيُّ أرْضٍ تُقِلُّنِي؟ إِذَا قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، ومن كريم التواضع ما كان من الإمام الحسن البصري - رحمه الله - وهو من كبار التابعين  عندما سئل: أمؤمن أنت؟ لم يغضب من السؤال، ولم يتكبرعلى السائل، وإنما قال: الإيمان إيمانان، فإن كنت تسألني عن الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والجنة، والبعث، والحساب، أنا مؤمن، وإن كنت تسألني عن قول الله - عز وجل-: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ ينْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً"، فو الله ما أدري أنا منهم أم لا. 

وأخيرًا، أذكر عبارة ما زالت ترن فى أذنى منذ أوائل الثمانينات، حيث كنت أحرص فى كلية أصول الدين على حضور مناقشات الماجستير والدكتوراة، فسمعت أحد المناقشين يقول لطالب الدكتوراة بعد مناقشته، وقبل إعلان النتيجة ومنحه الدرجة العلمية: "الآن تستطيع أن تقرأ وحدك".

أرأيتم كيف أن القراءة قبل الحصول على درجة الدكتوراة تحتاج إلى من يصحح لك الفهم ويضبط لك العبارات ويشرح لك الدلالات، والمعانى القريبة والبعيدة، ويمرنك على طرق البحث وتحقيق القضايا، وتحرير المسائل، ويدلك إلى صحيح المراجع التي تفيدك فى بحثك، فمن أين لهؤلاء الأدعياء هذه الجرأة على العلم، والتطاول على العلماء، والخوض فى بحار كل التخصصات بلا مجداف؟، ثم هم ينتقدون أهل كل تخصص فى بجاحة منقطعة النظير.

[email protected]

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز